الخميس، 7 يناير 2010

دون ساقين.. فتاة فلسطينية تخطو نحو حلم الصحافة.mbs


تتكئ جميلة الهباش على عكازيها الحديثين كل صباح في طريقها إلى المدرسة، متجهة نحو تحقيق حلمها في أن تصبح صحفية؛ لكي تتمكن من "فضح جرائم" إسرائيل التي أفقدتها ساقيها في الحرب الأخيرة على قطاع غزة قبل عام.
وباتت جميلة ابنة الخمسة عشر عاما رمزا لصمود أطفال غزة بعد أن لفتت أنظار العالم إليها خلال مقابلةٍ أجرتها معها إحدى الفضائيات العربية وهي ترقد على سريرها في مستشفى الشفاء خلال الحرب، حين أكدت إصرارها على تحقيق حلمها بأن تصبح "صحفية".
وكتبت النجاة لجميلة التي فقدت ساقيها، في حين قتلت شقيقتها شذى (11 عاما)، وأصيب طفل آخر من أقاربها حينما باغتهم صاروخ إسرائيلي وهم يلهون فوق سطح منزلهم المكون من عدة طبقات في حي الشعث شرق مدينة غزة في الرابع من يناير2009.
تبتسم الفتاة بثقة وقد عادت من مدرستها على عكازيها يساندها شقيقها مؤمن، قائلة "أنا بأفضل حال، أذهب إلى مدرستي كل يوم، وأتابع دراستي وحياتي بشكل طبيعي".
وتستغرق الرحلة إلى المدرسة حوالي ثلاثة أرباع الساعة، على رغم أنها تبعد أقل من ثمانين مترا عن المنزل، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
دافع أقوى
وتروي جميلة وهي تلتقط أنفاسها من عناء الطريق "لن يثنيني ما حدث عن مواصلة حياتي، بل إنه دافع أقوى لتحقيق حلمي في أن أكون صحفية ممتازة تنقل الحقيقة للعالم، وتفضح جرائم إسرائيل بحقنا".
ورغم أنها فقدت ساقيها من فوق الركبة، إلا أن جميلة تصر بمعنويات مرتفعة على عدم الفشل، مؤكدة أنها قررت من تلك اللحظة أن لا تسمح لليأس أو الإحباط أن ينالا منها.
وتلقت جميلة وابن عمها محمد دعوة من العاهل السعودي للعلاج على نفقته في مستشفى الرياض عقب مقابلتها مع الجزيرة الفضائية.
وتقول "مكثت أنا ومحمد أكثر من ستة شهور في السعودية، ركّبوا لي خلالها ساقين اصطناعيتين، وركبوا لمحمد طرفا، لكن الأخصائيين في مركز الشوا للعلاج الطبيعي في غزة أخبروني بعد عودتي أن الطرفين غير ملائمين، وأن جسدي يرفضهما".
وتتذكر جميلة أنها كانت عاجزة عن استخدام الطرفين، وكانت تشعر بآلام كبيرة لدى محاولة السير.
وتتابع "سافرت إلى سلوفينيا مع عددٍ من الجرحى، وركبت هاتين الساقين، وعدت بهما إلى غزة منذ شهر، حيث أتدرب على المشي عليهما يوميا بمساندة العكازين". وتقول الفتاة بتحدٍّ "سأتمكن من الاستغناء عن العكازين تماما قريبا".
أكثر شجاعة
تجتاز جميلة اليوم الخمسين مترا بطرفيها الجديدين متكئةً على العكازين في 20 دقيقة عندما لا تكون متعبة. وهو تقدم هائل عما كانت عليه الحال قبل شهر عندما كانت تحتاج إلى ثلاثة أرباع الساعة لاجتياز خمسة أمتار ليس إلا.
وتروي جميلة "كنت أخبر معالجتي النفسية في السعودية أني أرغب في رؤية مكان الحادث وآثار الدم وكل شيء كما هو. اعتقدت أني سأنهار حين أرى المكان".
وتضيف "أرسلت لي ابنة عمي صور السطح وآثار الدم باقية فيه حينما كنت في السعودية.. صعدت إلى السطح بعد عودتي أيضا لكنني لم أنهَرْ في كلتا الحالين ولم أبك أبدا.. البكاء لن يعيد ساقاي". وتقرّ الفتاة بفخر "أشعر أني أكبر عمرا ومسؤولية، لكن معنوياتي عالية فلن أحزن أو أنقطع عن العالم".
وتقول والدتها أم محمد "جميلة تصبّرني دائما على ما حدث، وترفع من معنوياتي، فهي تعتمد على نفسها تماما حتى لا تشعرنا بأنها عاجزة".
وتؤكد "لقد باتت جميلة أكثر شجاعة وقوة وطموحا منذ الحادث. أصبحت أكثر إصرارا على تحقيق حلمها في أن تصبح صحفية مشهورة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم