الثلاثاء، 29 مارس 2011

الجاهلية التي كنتُ أعيش فيها ؟



الجاهلية التي كنتُ أعيش فيها ؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعـد :
لقد كنت في مرحلة من العمر عندما هاجرت منزل عائلتي ، كان عمري لا يتجوز خمس تعشرسنه وكنت فقيراً جداً ، يتيماً الأب منذ أن كان عمري ستة سنوات وأنحرمت من حنانه، لم أكمل تعليمي ،غادرت بلدتي بمطالسة المغرب، إلى تازة ، منذ سنوات طويلة بحثاً عن مورد رزق، عملت في كل شيء ولم تستقر أموري المادية، كونت شاب طموح و مجتهد الذي امامه الكثير الكثير من الأعمال ،ما أجمل كل ذكرياتي في تلك البلاد الحزينه الشقيه التى تحبس الانفاس وتفقء العيون، بحلوها و مرّها في أيام الجاهلية التي كنتُ أعيش فيها.
 وأذكر عندما هاجرت المنزل قبل بلوغ الخامسة عشر من عمري للعيش في المدينة ،لكي أعتمد على نفسي وأذوق مرالعمل الشاق  كم غضبت أمي  و كم تعبت لأياماً و ليالي.
 والمشكلة الثانية أقضية عمري كله جهدا وعمل منذ عشر سنوات في شغل و تعب و كل ما جمعت من عملي كنت انفقه في ...... ،في بعض الاحيان كنت اوفر وادخر ولكن في الغالب كنت ابدد ما ادخره ولا استفد كثيرا مما اشتريه ثم تركت المدينة وذهبت للعمل في البناء ، لم أستمرَّ فيه طويلاً، تركته لأسباب خاصَّة حتى هذا العمل البناء لا علاقة لي به، ثم انتقلت للعمل آخرلم أستمرَّ فيه طويلاً لأسباب كثيرة؛ منها: سوء التعامل من بعض رجال شرطة ،حيث كانوا يأخذونا الرشوة وأكل أموال الناس بالباطل والمشكلة عدم معرفتي بما هي حقوقي ،لا مالية ولا معنوية ، حيث كلما عودنا ببضعتنا من الناظور ،وضعت دائمًا في عيني، لا بد من إرشاء أولائك الذين يقومون بعمليات النهب في طريق عند العودة بلبضاعة ، وماذا يفعل المواطن غير ذلك وإن أخذته ظروف التشافي بعيدًا عن أرضه وقريته ، متوخيًا كل ما من شأنه يغضب الشرطه ويجعلهم يأخذون منه كل شيء،حتى اصبحوا مهيمنين على مفاصل القرار وعلى كل شيئ والعياذ بالله .
كنت استيقض مبكرا لاذهب الى محطة الحافلات الرئيسية في تازة،ومن هناك يستطيع كل فرد أن يركب إلى حيث يريد، أو يذهب حيث يشاء ، ومن هناك كنت أركب في الحافلات النقل إلى إقليم الناظور، وجميعنا يعرف كيف هي حال حافلات نقل من تازة إلى إقليم الناظوروخاصة عبر طريق مزكيتام  وعين الزهرة فحالها مزرية جداً ، حافلات قديمة جداً ومتأكلة ، وطرازاتها متأخرة جداً ، وتفتقر إلى أبسط مقومات السلامة والأمان ،كما تفتقر إلى النظافة العامة والشكل الخارجي ، شبابيك متكسرة في بعضها ، والتكيف غائب نهائياً في جميعها ، مقاعد ممزقة وغير صالحة للجلوس ، والغبار متكدس بداخلاها.
 ليس امام المرء الا ان يقول اللهم ان هدا منكر و حسبنا الله ونعم الوكيل.
 ليس في هده البلاد من يدفع عنا كيد الكائدين وحقد الحاقدين ، الذين يأكولون ولا يشبعون، فهم يأكولون وتأكل معهم شياطينهم ،فلا يشبعون ابدا،و لكن هذا الجشع والبذخ أعمى قلوب رجال شرطة ودهور بطونهم ومحق الرزق والبركة من جيوبهم وامتلائت بطونهم من الحرام الا يخشون الله في انفسهم.
 قال تعالى."ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً، انما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً".
لازلت اتذكر حينما كنت أسافر في هذه الحافله الكبيره التي تضم 50 راكباً ،كنت أشعر بحالة غثيان شديدة وألم ودوخه وموجات والتعب الشديد من كثرة سافر والمسافاة كانت طويل .
عند الوصول إلى الناظور،فما أجدني قدرا على شيء و مهلوك.
و في هذا الأقليم بإمكانك أن تختبر حجم الأذى الذي ألحقه ولا أجد من أضع رأسي عليه.... وهذه الدنيا لا تسير على وتيرة واحدة فهي بين جلوساً وقياما فرحا وحزنا ، وبين فقرا وغنا واستقامة وانحراف لاحولا ولاقوت الابالله .
في إحدى الأيام الباردة رجعنا من الناظور ببضعتنا ونحن لا نصدق اننا سنصل إلى اهلينا ببضعتنا خوفا من قطاع الطرق هؤلاء وإذ بنا نجدهم في مكان الذي ينتدرون فيه الغنائم يا أهل الغنائم ، ما أن وقفت الحافله في مكان نقطة تفتيش والشرطة في كل مكان ولا أحد معصوماً عن التفتيش ... حتى اشتد التدافع بين الركاب بالأيدي والمناكب من أجل الوصول الى الشرطة الإرشاءهم ويسألوا الله أن يكفهم شرهم , غير آبهين بالبرد القارس وهو يلسع وجوههم العاريه، وكان بيننا نساء وشباب ورجال وشيوخ ، ثم طلبو منا أن نركبا لحافله، واتذكر اننا كنا غاضيبين جدا جدا في تلك رحلة حتي ان سائق الحافلة كان يتفاوض معهم عن ثمن الوجب دفعه عن البضائع المصافرين، لكنه عاد في الاخير بدون نتيجة، جاء أحد رجال الشرطة فصعدا على ضهر الحافلات فجعل يرمي البضاعة إلى الأرض ، ما جعلنا نستغريب ونتعجب من حال هؤلاء الشرطة ،وكيف هي قلوبهم ،قال تعالى"فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله ". فكسروها أمام أعيننا و نحن نسمع صرخات نساء و تأوّهاتهم على ماصبتهم وما اصابنا جميعا.
إستمريت في رحلةٍ مملَّة للبحث عن عمل أفضل وبثقة وتفاؤل وطموح عالٍ، والحمد لله وفَّقني الله تعالى وانا شاب صغير بالسفر والعيش فى اوروبا ووفَّقني الله تعالى للوظيفة الحاليَّة ، و تعامُل العمال فيها جيد، والحقوق المالية جيدة، والتقديرالمعنوي لا بأس به وفَّقني الله تعالى بعد فترة من الزمن بوظيفة ذات راتب مُتَدَنٍّ جدًّا، لكنِّ شعرت فيها بمتعة العمل والإنجاز والتقدُّم والتقدير المعنوي، لكن بعد ذلك حصل مالا يحمد عقبه عندما كونت أعيش في عالم اخر غير عالمي،كنت اعيش فى ظلام الجاهلية والعقليات الرجعية المتخلفة كنت من الذين يؤمنون كل الايمان بوجود اصنام يتعبدونها ،ويؤمنون بالمال غير أن بعض هذا المال كان يذهب فقط في الفساد الأخلاقي و........ وقد أفسدوا وكسروا ديني وإيماني ،نعم ملعونا كل من غيرحياته لاجل المال.
 والبعد عن الدين يورث المعيشة الضنك ،وكل الأشيئ الدنيويه زائلة  ، لم أكن أعرف ما يتوجّب عليّ عمله في تلك اللحظة أو كيفية التعامل مع الأمرما الذي حصل لي؟ لا أستطيع تفسير ذلك ،تحولت كل شيئ إلى النار نار ذات لهب النار الموقدة على الخشب ولهيبها المتراقص وقانا الله وإياكم شرها ، تحول كل شيئ إلى شيء آخر بدأت أهدأ فلا أريد الهجوم على نفسي وفي هذه اللحظة كنت أذنب فأعود وأتوب , وأذنب مرة أخرى فأعود وأتوب , ولازلت مستمرا في فعل المعاصي و الذنوب واستسلمت استسلاماً تاماً للشيطان عليه لعنة الله و زين لي الشيطان كل شيئ،ثم العودة وإعلان التوبة. 
فقلت كما قال أحدهم :
أغلبُ نفسي تارةً قاهــــراً هواها وتغلبني حيناً واجلاً
همني ذنبي إذ كنتُ غافلاً عن ذكرك فوقعتُ فيه لاهياً
بكت عيني بذكرك مستغفراً ذنوبي وأنا منها متبرئـــــاً
نظرتُ فما رأيتُ إلا صغاراً من الأعمال أستحي من ذكرهاً
ووجدتُ من الجبال أوزاراً يكادُ القلبُ يتفطر لذكرهـــا
وفجأة حصل أمر عظيم في حياتي نعم زلزال أحسسته لأول مرة في قالبي، الشىء الذى حدث فى ذلك الزمان قد مضى واتمنى لو انساه كأن لم يكن كان ذلك تحولٌ تام في حياتي وهي أسوء لحظة حيث مات احد اقاربائى وهو أعز الناس إلى قلبي ،والذى ادى موته إلى التغييرالجذري في حياتي الشخصية الداخلية لانني ما زلة اعاني من الم رهيب في قلبي و أعاني مند مدة من اضطراب في الذاكرة حيث لا أستطيع استعادة ذكرياتي الحديثة والبعيدة كما أني لا اشعر بجسدي جيدا،كانت هذه الفترة حساسة جدًَّا في حياتي ، بدأت أشعر في تلك الفترة بالرغبة الجامحة للذهاب إلى المسجد ، وفعلاً بدأت بالذهاب لوحدي إلى المسجد وفي احد الايام كنت ذهب لصلاة الجمعه في احدى المساجد، دخلت المسجد وبعد صلاة تحية المسجد،تجهة الى المكتبة وشترية من هناك بعض الكتب وبعض أشرطة الصوت الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله وهي التي كانت سبب في توبتي وستثارت مشاعري و جعلتاني علي طريق التوبة وكانت هده هي البداية ،بدأت اسمع الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله وقد عاب على كل من ترك دينه و الحمد لله أن من الله عليا بتوبة والعودة إلى الله وإلى لأسلام وإلى ديني ،وسبب توبتي وهدايتي التي من الله تعالى علي هي على لسان الشيخ عبد الحميد كشك الخطيب المصري المشهور الذي كان أخطب خطباء عصره بلا منازع ومازالت خطبه على مواقع الانترنت يستمع إليها الملايين من المسلمين في أنحاء العالم.
وكيف كان يقدر بلوغ الهدف من الخطبة مع ترك أثر واضح وجلي وهو طبيب عصره الذي يقوم بمداواة أمراض المجتمع نعم لقد كان الشيخ عبد الحميد كشك من أجود الدعاة المنحدرين من أرض الكنانة بل من أحكم الدعاة المتضلعين في مختلف العلوم رحم الله شيخنا العظيم و أسكنه فسيح الجنان أمين.
بوجمعة بولحية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم