الأربعاء، 13 مارس 2013

الدعـوة إلى الله ليست حكرا على أحد

 
الدعوة الى الله سبحانه عز وجلا والعمل بها ابتغاء مرضاته أصبح أمرفرض عين على كل مسلم ومسلمة ، غير ان هناك من يتخذون الدعوة الإسلامية حكراً لهم ، ويستأثرون بها لانفسهم دون الأخرين، ضاربين عرض الحائط بان طريق الدعوة ليس مقصوراً علي فئة دون غيرها وانه لابد ان يكمل المسلم بعضه بعضا،حيث نجد في حديث رسول صلى الله عليه وسلم:" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"،و ان يكون العمل على نشر الإسلام والدعوة الى الله سبحانه وتعالى لكل من يسره الله لذلك، فلايجب أن تكون هناك خصوصية في الدعوة ولكن لابد ان تكون الخصوصية في العلم فقط .
قال تعالى: "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"
قال تعالى: "أنا ومن اتبعني" أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أتبعه من المسلمين،ولم يقول الله سبحانه و تعالى:" انا ومن اتبعني" من العلماء والشيوخ والائمه فقط.
قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ( بلغوا عني ولو آية )
أي على جميع المسلمين أن يبلغوا ولوأيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرنا أن نبلغ القرآن كله أو السنة كلها.
لاحظوا أخواني أخواتي في الله بلغوا تكليف ,,عني تشريف ,,ولو آيه تخفيف وهذا يعني أن المسؤليه على كل مسلم ومسلمة لنشر هذا الدين في جميع أصقاع العالم.
فالمقصود أن الله جل وعلا شرع لعباده أن يبلغوا رسالات ربهم، وأن يعلموا الناس ما بعث الله به رسله من كل طريق، وليس المنبر والمسجد هما طريق الوحد في تبليغ الرسالة،ونشر الدعوة ،الدعوة لم تأتي لتسكن بين اربع جدران،بل أتت ليمشي بها المسلمين بين الناس إلى جميع أقطار الأرض.
ولكن المنبر والمسجد هما أهم طريق لتعلم العلم الشرعي و العلم النافع والفقه في الدين.
وقد أرسل سبحانه وتعالى الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم نوح إلى آخرهم وخاتمهم نبينا محمد عليهم الصلاة والسلام،وكلهم خرجوا إلى الناس ،أرسلهم جميعا ليدعوا الناس إلى توحيد الله وطاعته وتقواه ، ولينذروهم الشرك به وعبادة غيره ومعصية أوامره ،وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة كما قال سبحانه : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ًونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون )و قال سبحانه : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } (6) ويقول سبحانه : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } (7)
فالله سبحانه خلقنا جميعا رجالا ونساء جنا وإنسا حكاما ومحكومين عربا وعجما ؛ لنعبد الله وحده ونتقيه سبحانه فيما نأتي ونذر ، ونحاسب أنفسنا في ذلك حتى نستقيم على توحيد الله وطاعته ، والمسارعة إلى ما أوجب علينا ، وترك ما نهانا عنه سبحانه وتعالى ، فالواجب على كل ذكر وأنثى من المكلفين أن يعبد الله ويتقيه سبحانه وتعالى أينما كان .
لأنه خلق لهذا الأمر وأمر به من جهة الله سبحانه في كتبه ثم من جهة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، فعلى جميع المكلفين من ذكور وإناث وعرب وعجم وجن وإنس أن يعبدوا الله ويبلغو عنه ويتقوه ويلتزموا بالإسلام .
كما أن على المسلمين الذين من الله عليهم بالإسلام أن يستقيموا على دينهم وأن يثبتوا عليه وأن يتفقهوا فيه حتى يؤدوا ما أوجب الله عليهم على بصيرة وحتى يتركوا ما حرم الله عليهم على بصيرة ، وعلى أهل العلم أينما كانوا أن يدعوا إلى الله وأن يفقهوا الناس في دين الله .
لأنهم خلفاء الرسل عليهم الصلاة والسلام ، والرسل بعثوا ليعلموا الناس ويرشدوهم ويدعوهم إلى الحق وينذروهم من الشرك بالله ومن سائر المعاصي ، وعلى علماء الإسلام أينما كانوا في جميع أقطار الأرض عليهم أن يعلموا الناس ، وأن يبلغوا الناس دينهم ، وأن يشرحوا لهم ما قد يخفى عليهم ؛ طاعة لله ولرسوله ، وأداء لواجب النصيحة ، وتبليغا لرسالة الله التي بعث بها نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام .
لقد خرج صلوات الله وسلامه عليه إلى الطائف ودعا أهلها إلى الإسلام فلم يجيبوه , بل آذوه ورموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه , فرجع إلى مكة وظل يدعوا الناس إلى الإسلام في الحج وغيره .
وقد حضر حجة الوداع قرابة المائة ألف صحابي ولم يدفن في المدينة إلا قرابة العشرة آلاف صحابي فقط! أين ذهب البقية ؟!
عشرات الآلاف المتبقية التي عاشرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنورة ومكة المكرمة اللتين امتلأتا بعبق النبوة وروائح الوحي الزكية، وعايشوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلموا فضل هاتين المدينين وعظم مكانتهما في الإسلام، وما فيهما من بقاعٍ مقدسةٍ تتضاعف فيها الأجور ويتوافد عليها المسلمون من كل فجٍّ عميقٍ، كلٌّ منهم يتمنى لو يبقى في هذه البقاع يتعبد الله ويتزود من الهالة الروحانية العظيمة المحيطة بهاتين المكانين، ولكن هذه الأعداد الكبيرة والمكونة من عشرات الآلاف من الصحابة يتركون كل هذا ولم يدفن إلا القليل منهم في مكة والمدينة! فأين ذهبوا ؟ ولما ذهبوا وتركوا هذه الفضائل العظيمة ؟
لو كانت قبورهم في المدينة لما وصلوا الأندلس غرباً والصين شرقاً
وهذا الذي نتعلمه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنه العمل لأجل الدعوة لو بقي الصحابة والمسلمون جالسون في رحاب مكة والمدينة ، لما اشتاقت اليها نفوس أهل المغرب الكبيرالأمازيغ واليمن والشام فإنما نحن في بلاد المغرب الكبير ثمرة من ثمرات هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم ( سيدنا عمربن الخطاب و عمرو بن العاص وعقبة بن نافع و موسى بن نصير وطارق بن زياد رضي الله عنهم أجمعين )
هؤلاء هم الذين زرعوا في بلاد الأمازيغ ، رائحة مكة والمدينة وحب الرحال اليهما ليستمر إلى هذا الوقت لله ذرهم أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حبهم لله وللرسول ونشر الدعوة الإسلامية أكبر من حبهم للجلوس حول الحرمين.
إنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقهوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لئن يهدي بك الله رجلا واحدا خير لكم من حمر النعم) فانطلقوا ينشرون دعوة الله عز وجل شرقا وغربا شمالا وجنوبا إنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين كانوا يشعرون أنهم مقصرون في حق الله مهما فعلو من الخيرات بينما في عصرنا الحاضر نجد من لا يعمل إلا قليلا ويزكي نفسه ويرفعها فوق البشر.
بل حتى الجن يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكرقال تعالى :(وإذ صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا الي قومهم منذرين قالوا يا قومنا انا سمعنا كتابا انزل من بعد موسي مصدقا لما بين يديه يهدي الي الحق والي طريق مستقيم) لما سمعوا قراءته قال بعضهم لبعض: أنصتوا، فلما فرغ رسول الله من القراءة ولوا الي قومهم منذرين قالوا: (يا قومنا إنا سمعنا كتابا).
 أيها الإخوة والأخوات فماذا قدمنا نحـن لديننا.
إن الأمازيغ الأوائل عندما وصلهم الأسلام إلى المغرب الكبير تحملوا في سبيل رسالتهم، حتى بلّغوها كاملة إلى إفريقيا و إسبانيا الأندلس و البرتغال وفرنسا حتى أن المسلمين وصلوا قرب باريس 30 كلم وكذلك فعل الأتراك و الهنديين والبكستانيين والقبطيين وبقي المسلمين،أما اليوم فالعرب عجزوا عنها والعجم حركوها.
الدعوة إلى الله تمشي با ثلاثة أشياء، النفس.. والمال.. والوقت.
وقد جاد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الثلاثة، وبذلوها للدين، لتكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله.
وبجهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعه خرج كثير من الناس من الظلمات إلى النور، ومن الشرك إلى التوحيد، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن البدعة إلى السنة، ومن الضلال إلى الهدى، ومن غضب الله إلى رحمة الله ورضاه.
وجهد الدعوة لا يؤتي ثمرته حتى يكون حسب ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من فكر وقول، وعمل وأخلاق.
فأول ما دعا عليه الصلاة والسلام إلى الله اجتهد على ثلاثة أصناف من الناس:
الرجال، والنساء، والأطفال.
فأول من استجاب له من الرجال أبو بكر .
وأول من استجاب له من النساء خديجة رضي الله عنها.
وأول من استجاب له من الأطفال علي .
فآمنوا بالله ورسوله، ولازموا رسول الله يتعلمون منه، ويقتدون به، وأول ما انتقل إليهم منه جهد الدعوة قبل العبادة، فقاموا به خير قيام قبل نزول الأحكام.
وما قاموا به هو ما تعلموه من النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان واليقين وذلك بالدعوة إلى الله لنقل فكر الناس من اليقين على المخلوق إلى اليقين على الخالق وحده.. ومن اليقين على الأموال والأسباب إلى اليقين على الإيمان والأعمال الصالحة.. ومن العادات والتقاليد الجاهلية.. إلى السنن والأحكام الشرعية.. ومن عمارة الدنيا إلى عمارة الآخرة.. ومن الشرك والكفر.. إلى الإيمان والتوحيد..
وأهم أعمال الأنبياء والرسل الدعوة إلى الله، بالجولة على الناس وزيارتهم، وغشيانهم في مجالسهم وبيوتهم لدعوتهم إلى الله.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغشى الناس في مجالسهم، ويذكرهم بالله، ويدعوهم إليه، ويتلو عليهم القرآن.
وكان صلى الله عليه وسلم يتجول في سوق ذي المجاز على الناس ويقول: «يَا أَيُّـهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَـهَ إِلاَّ الله تُفْلِـحُوا» قَالَ: وَأَبُو جَهْلٍ يَـحْثِي عَلَيْـهِ التُّـرَابَ وَيَقُولُ: يَا أَيُّـهَا النَّاسُ، لا يَغُرَّنَّكُمْ هَذَا عَنْ دِينِكُمْ، فَإِنَّمَا يُـرِيدُ لِتَتْـرُكُوا آلِـهَتَكُمْ وَتَتْـرُكُوا اللاَّتَ وَالْعُزَّى. قَالَ: وَمَا يَلْتَفِتُ إِلَيْـهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم . أخرجه أحمد([1]).
وفعل فِعْله أصحابه في مكة، وفي المدينة، وفي الحضر والسفر، وفي الليل والنهار، وفي البيوت والأسواق.
وكان همُّ النبي صلى الله عليه وسلم تغيير فكر الناس من الشرك إلى التوحيد.. وتغيير القلوب.. وتغيير اليقين.. وتغير العمل.. وتغيير البيئة.. وتكميل الإيمان والأعمال الصالحة.
وليس همه تغيير الأشياء، ولا جمع الأشياء، ولا الفكر في الأشياء.
فالصحابة العدول رضي الله عنهم نقلوا الأمانة كاملة، وبلغوها غير منقوصة، ووقفوا بالمرصاد لكل تأويل باطل وكل انتحال وتحريض، وحمل الراية من ﺒﻌدﻫم ﻋﻟﻤﺎء اﻟﺘﺎﺒﻌﻴن  وﻤن وراءﻫم  وﻓﻲ ﻋﻬدﻫم اﺘﺴﻌت داﺌرة اﻷﻤﺔ اﻹﺴﻼﻤﻴﺔ، ضحوا بأنفسهم وأموالهم وأوقاتهم وبكل ما يملكون  من أجل أن يبلغ هذا الدين للعالمين. 
وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر.
وإن ما يحدث هذه الأيام على الساحة العربية و الإسلامية ليس من الإسلام في شيء،حيث نجد أن الآية انقلبت ونحن من قلبها،واصبح  علمائنا و أئمتنا لا يبلغون عن الله ورسوله إلامقابل أجر معين،ولو كانت الدعوة إلى الله تمشي من أجل جني المال  ماوصلت إلى جبال اطلس في شمال افريقيا.
بوجمعة بولحية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم