الجمعة، 27 أبريل 2012

تـداول الـسـلـطـة في الـسـيـاسـة الـشـرعـيـة.


تـداول الـسـلـطـة في الـسـيـاسـة الـشـرعـيـة.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أما بعد.
فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعةٍ وكل بدعةٍ ضلالةٍ وكل ضلالةٍ في النار .
قال تعالى"إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام" وقال جلا وعلا ."وكان أمر الله قدرا مقدورا" أمر الله الديني الشرعي مقدر مقدر تقديرا فهو مبني على الحكمة كما أن الآية الأولى أفادت أن خلق الله مبني على الحكمة. وقال جلا جلاله "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ".
أيها الاخوة والاخوات يشهد هذا العصر استهلاكاً إيمانيًّا مريعا من شأنه أن يدفع بالكثير من المسلمين إلى هاوية الإفلاس الإيمانيّ يقول تعالى "فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتَّبعوا الشهوات فسوف يلقَون غيّا" ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "خيركم قرني، ثمَّ الذين يلونهم ثمَّ الذين يلونهم"رواه مسلم.
إنَّ كلَّ ما حولنا يصرفنا عن الله ويغرينا بالدنيا وشهواتها "زُيِّن للناس حبُّ الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضَّة والخيل المسوَّمة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "حُفَّت الجنَّة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات"رواه مسلم.
أيها الاخوة والاخوات كل هذا سببه واحد وهو شهوة السلطة والحكم.
وإن المتتبع لواقع حال السياسة فى العالم العربي ولأسلامي في عصرها الحديث يجد بغير كثير من التأمل والتفكير أنها أخفقت الى حد بعيد في إنتاج مجتمع سياسي يؤمن بعقيدة سياسية وطنية عربية إسلاميه بصرف النظر عن ادعاء اغلب الأحزاب والقوى السياسية في العالم العربي ولأسلامي لاسيما من تمكن من الاستحواذ على السلطة هي التي تبني مثل هذا المشروع.
كما أن هذه الحركات و هذه الأحزاب والقوى السياسية بمجملها لم تصل في يوم من الأيام الى حد التوافق الاستراتيجي على توقيع ميثاق وطني في العالم العربي ولاسلامي ملزم يتسامى فيه الجميع على خلافاتهم البينية ويشرعون في عملية بناء موقف جماعي موحد في حالة نشوب خطر داهم يستهدف كيان الدولهم برمتها وحتى عندما وصلت قوة الدول العربيه ولأسلاميه في مراحل معينة الى مستويات متقدمة في التنمية الداخلية والقدرة على التأثير في المنظومة الدوليه والإقليمية بقي واقع حال المنظومة السياسية العاملة في البلاد العربية ولأسلامية واقعا متشظيا على طول التاريخ السياسي الذي ابتدأ بالخلافة الراشدة وانتهى بها الحال الى حكم جمهوري وملكيا ومازال ولم تتجاوز الائتلافات بين القوى والأحزاب السياسية أكثر من حاجز التكتيك وتحول الكثير من تلك التحالفات المرحلية الى مصدر للتندر والاستهزاء أكثر منه خطة للعمل المشترك إذ كان غاية هم تلك الحركات التصارع فيما بينها والانهماك في لعبة تسجيل النقاط بعضها ضد البعض الأخر من اجل التفرد بالسلطة ومن ثم صياغة الطابع السياسي العام للبلاد أو جزء منه وفقا لعقيدة الطبقة الحاكمة.
من هذه المقدمة التاريخية نستطيع أن نخلص الى فكرتين رئيسيتين الأولى تتمثل في استفحال مفهوم التناحر الحزبي أو السياسي العربي لأسلامي الى الحد الذي منع من خلق ميثاق شرف في هذه دوال يحرص جميع الفرقاء على عدم المساس به مهما كانت الظروف والدواعي والثانية ادعاء كل حزب أو قوة سياسية على اختلاف مرجعياتها الأيدلوجية وعدد سنوات بقائها في السلطة من عدمها بأنها الوحيدة التي تتبنى عقيدة سياسية أسلاميه او وطنيه بخلاف البقية.
ولو حاولنا أن نفتش في ابرز الأسباب التي قادت الى شيوع ظاهرتي التناحر والتخوين فيما بين القوى السياسية لوجدناه يكمن في عدم وجود آلية دستورية فاعلة تكفل التداول السلمي للسلطة فحتى الفترة الخلافة الراشدة التي يعدها البعض فترة ذهبية في تاريخ العالم العربي ولأسلامي السياسي الحديث كانت الروح الانتقامية وأحيانا الروح الانقلابية هي التي تبعث الحياة في جسد الهيئة السياسية الحاكمة آنذاك وبالنسبة لتاريخ العهد الجمهوري لدوال العربيه ولأسلاميه فيمكن اختصاره من غير ابتعاد عن عناصر الحياد والموضوعية بأنه سجل رسمي للانقلاب والانقلاب المضاد.
مما لايشك فيه عاقلان إن غياب التداول السلمي للسلطة في العالم العربي ولأسلامي أدى ويؤدي الى استشراء حالات الهلع الهستيري وربما الطبيعي في نفس كل قوة سياسية تجاه الأخرى ومع وجود عوامل الخوف والشك لايمكن توقع اتفاق بالإجماع بين مختلف الإخوة الساسة الأعداء حتى على مسالة حساسة كالدفاع عن الأب الواحد والمراد به هنا الوطن الواحد بطبيعة الحال.
كما أن غياب مفهوم الانتقال السلمي للسلطات في الواقع العالم العربي ولأسلامي مثلما يستطيع بجدارة تفسير ظاهرتي التناحر والتخوين في الأوساط السياسية الدوال العربية ولأسلاميه على خلفية انعدام الثقة فيما بينها وتوقع كل فريق لساعة الانقضاض له أو عليه فانه قادر أيضا على دحض جميع الدعاوى التي تحاول إثبات أن قوة سياسية عربيه أو أسلاميه معينة كانت تسير وفقا لعقيدة سياسية في هذه دوال في مرحلة تاريخية بعينها من حيث النظرية والتطبيق إذ أن الأحزاب دوال العربية ولأسلاميه المؤسسة على أيدلوجيات ليبرالية وطبقية وقومية ودينية فشلت في امتحانات تداول السلطة تاريخيا ويستوي في ذلك الحال من استطاع منها القبض على زمام الحكم أو تلك التي لم يحالفها الحظ في قيادة انقلاب عسكري ناجح أو حياكة مؤامرة دموية محكمة التخطيط والتنفيذ.
فإلقاء نظرة سريعة على النظم الداخلية لتلك الأحزاب والقوى السياسية ناهيك عن ممارساتها العملية كما اشرنا الى ذلك آنفا تفضي بنا الى تبين حقيقة انعدام أي أساس ديمقراطي لقيادة التنظيم في أي منها وعدم وجود انتخابات حقيقية في داخل هذه الأحزاب ما يعني سيادة منطق التأبيد والتوريث واحتكار الزعامة الحقيقية لطبقة سياسية دون سواها.
إن العقيدة العربيه الأسلاميه في السياسة والحكم تعني أولا وقبل كل شيء إتاحة فرصة تولي الزعامة السياسية لجميع المؤهلين في رقعة جغرافية ما بغض النظر عن الانتماءات الطبقية والقومية والدينية وما إليها وهذا الأمر لا يتم إلا في ظل إشاعة ثقافة الديمقراطية وانتهاج العمل وفقا لمبدأ التداول السلمي للسلطة ولعل في تحقق التطبيق الفعلي لمفهوم التداول السلمي للسلطات فيما بين بعظ دوال العربية بعد الربيع العربي عقب الانتخابات المحلية الأخيرة في المغرب وتونس واليبيا ومصر وتقبل جميع المتنافسين فيها للنتائج النهائية بروح رياضية ونبذ واستهجان الصيحات التي تنطلق من هنا وهناك والداعية الى تنفيذ اجندات تخريبية في حال الخسارة لعل في ذلك كله امكانية لتحقيق ظرف موضوعي مهم من شانه التأسيس لثقافة الانسجام والطمأنينة في داخل الأوساط السياسية العربيه ولأسلاميه عوضا عن ثقافة التناحر والتخوين.
كما أن ذلك سيهب من ناحية أخرى مصداقية غير مسبوقة في التاريخ دوال العربية ولأسلاميه المعاصره لمن يدعي الالتزام بالشراكة في إطار إدارة دفة السياسة والحكم سواء من كان في مواقع السلطة او المعارضة.
بوجمعة بولحية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم